فترة فتور الوحي: حين صمتت السماء (السيرة 22)

جدول المحتوي

في غارٍ بعيدٍ عن أعين مكة، حيث كان محمد ﷺ يتأمل السماء والجبال، ويناجي ربّه في صمت الليل…
نزل عليه المَلَك لأول مرة، يحمل كلماتٍ تهزّ القلب:

“اقرأ باسم ربك الذي خلق…”

خرج من الغار مضطربًا… قلبه يرتجف، وجسده يرتعش، وعيناه ممتلئتان بالدهشة والخوف.
ذهب إلى خديجة، فضمّته إلى قلبها، وطمأنته.
ثم ذهب بها إلى ورقة بن نوفل، فسمع منه:

“هذا الناموس الذي نزل على موسى…”

ثم سكتت السماء.

لم يعد يرى جبريل.
لم يعد يسمع شيئًا.
مرّت الأيام… ثم الأسابيع… ثم ربما الشهور… والسماء لا تجيب.


🌫️ الحيرة والانتظار

كل ليلة، كان محمد ﷺ يعود إلى حراء…
ينتظر، يترقب، ينادي بقلبه:
“يا رب، أكان حلمًا؟ أكان ذلك كله حقيقة؟”

ومع مرور الوقت… بدأ الحزن يتسلل إلى قلبه.

رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه في البخاري:

أن النبي ﷺ كان يصعد رؤوس الجبال، ويكاد يلقي نفسه من شدة الحزن، ظنًا أن الله قد ودّعه…
فإذا به يسمع صوتًا من السماء:
“يا محمد، إنك رسول الله حقًا”
فيهدأ قلبه، وتعود الطمأنينة.


🕊️ عودة جبريل… ورسالة السماء

وفي صباحٍ من تلك الأيام المترقبة…
كان النبي ﷺ يسير وحده، وإذا بالسماء تضيء فجأة، وصوتٍ مألوف يعود من علياء:

“يا أيها المدثر…”

تجمّدت قدماه، وغمرته الهيبة.

“قُمْ فأنذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر.”

السماء لم تتخلّ عنه… بل كانت تُمهّد له مرحلة جديدة.
لم يعد فقط متأملاً… لقد أصبح نذيرًا مبعوثًا من رب العالمين.


🌟 خاتمة القصة

كانت تلك الليالي الطويلة في غياب الوحي ليست هجرًا، بل كانت تهيئة.
الله لم يترك نبيه… بل أراد أن يشتاق إلى النور، ليحمله بعدها بصدق، وثبات، وشغف.

ومن تلك اللحظة، بدأ الفصل الأعظم من السيرة:
فصل الإنذار، الدعوة، والتبليغ.


في المقال القادم بإذن الله:
🔹 “الدعوة السرية: دار الأرقم”
البيت الذي انطلقت منه الدعوة… من هم أول الداخلين؟ وكيف بُني جيل العقيدة في الظل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *