🕌 المقدمة
في فجر القرن السابع الميلادي، كان العالم بأسره يعيش ظلامًا دامسًا من الجهل والظلم والفساد، وكأن الإنسانية كانت تصرخ صرخة خفية: “أين الهدى؟ أين العدل؟ أين النور؟”.
وفي هذه اللحظة الحرجة، كان ميلاد النبي محمد ﷺ على موعد مع تغيير مجرى التاريخ، لكن قبل ذلك، علينا أن نرجع خطوة إلى الوراء… لنعرف كيف كانت حال الدنيا؟
فالسيرة النبوية لا تبدأ بميلاد محمد ﷺ، بل تبدأ من احتضار الضمير الإنساني عالميًا.
🌍 الوضع الديني في العالم
✝️ الإمبراطورية البيزنطية (الروم)
-
كانت تدين بالمسيحية، لكنها كانت مسيحية مشوهة، قد غلب عليها التثليث والرهبانية والفساد الكنسي.
-
اختلفت الكنائس (الكاثوليك، الأرثوذكس، النسطورية…) وتحولت المسيحية إلى سلطة سياسية أكثر من كونها رسالة روحية.
🔱 الإمبراطورية الفارسية (الساسانية)
-
كانت تحتكم إلى الزرادشتية، وتقدس النار، وتؤمن بثنائية النور والظلمة.
-
سادت الخرافات والكهانة، وانتشرت عبادة الأوثان والشياطين.
-
كان الملوك يُعبدون تقريبًا، والظلم الطبقي بلغ مداه.
🇮🇳 الهند
-
كانت تعج بالبوذية والهندوسية، وفيها طبقية حادة (البرهمية، الكشتريا، الشودرا…).
-
انتشرت الوثنية على أشدها، وتعددت الآلهة بشكل لا يصدق.
🇨🇳 الصين
-
اختلطت الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية، مع تركيز كبير على الفلسفة المجردة والأرواح.
🕍 اليهودية
-
بعد الشتات، كان كثير من اليهود قد فقدوا الارتباط الحقيقي بدينهم.
-
طغت العصبية القومية والربا والغش على سلوكهم.
🏜️ الجزيرة العربية: قلب الظلام
🔸 مكة والبيت الحرام
-
كانت الكعبة موجودة وتُقدّس، لكنها أصبحت محلًّا للأصنام: أكثر من 360 صنمًا.
-
قريش كانت سيدة الموقف اقتصاديًا ودينيًا.
🔸 الدين
-
لم يكن هناك دين موحد: بعض اليهود، بعض النصارى، قلة من الأحناف، وغالبية من عبدة الأصنام.
-
كان الناس يطوفون بالكعبة عراة، ويعبدون اللات والعزى ومناة وهُبل.
🔸 المجتمع
-
المرأة كانت تُورّث وتُقتل (وأد البنات)، لا كرامة لها.
-
الحروب بين القبائل كانت أبدية (حرب داحس والغبراء مثلًا استمرت 40 سنة).
-
الزنا والربا وشرب الخمر وعبادة المال كانت عادية.
-
العبودية نظام معتمد، والعبيد بلا حقوق.
🧭 البشرية تنتظر رسالة
لقد وصلت البشرية إلى الحضيض، ورغم التقدم في بعض الجوانب (كالزراعة، التجارة، بعض الفلسفات)، إلا أن الروح كانت تائهة، والعدل شبه مفقود.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن تنبعث الرسالة الخاتمة من مكة، تلك المدينة الصغيرة التي تجتمع فيها:
-
قداسة الكعبة.
-
انعدام الدين الحقيقي.
-
تفكك الأخلاق والروابط الاجتماعية.
-
مركزية التجارة واللغة والأنساب.
✨ الخاتمة
وهنا، كانت الأرض تئنّ من ظلمها، وكانت السماء على موعد…
موعد مع النور، مع الرحمة، مع محمد ﷺ.
فلم يكن ميلاده حدثًا محليًا، بل كان نقطة تحوّل في تاريخ البشرية كلها.
في المقال القادم بإذن الله:
🔹 “نسب النبي ﷺ الطاهر وأشرف الأنساب”
وسنتناول فيه النسب الشريف لسيد الخلق ﷺ ولماذا كان الله يصطفيه من هذا البيت دون غيره.